مرثية العُذرِ اللّيلي شعر: صالح أحمد (كناعنة)


 مرثية العُذرِ اللّيلي

شعر: صالح أحمد (كناعنة)

///

ليلٌ بلا ظِلٍّ

والشّمسُ ترتحلُ

الصّوت صار سُدى...

الصّوت لا يَصِلُ

(.......)

عُذرًا لهذا اللّيلِ... عذرًا للصدى

لا زيتٌ في المصباِح، لا قبَسٌ

من أينَ يأتيكَ الهُدى يا ابنَ الظَّلام؟!

ستظل لا تدري: أشَرٌّ ما يكون؟

(......)

عُذرًا لهذا العذر... عذرًا للوقوفِ بِلا نَهار

عذرًا لأمنيةٍ تدومُ بلا سبَبْ

عذرًا لأشواكٍ غَدَت في كفِّ أطفالي وُرورد

عُذرًا لعُمرٍ في مواقِفِه ارتِعاشاتُ المدى...

تَمضي لِتَقتَرِفَ الحُدودَ... ولا حُدود!!

عُذرًا لأحلامٍ تُغافِلُني لترسِمَ في سوادِ الليل نجمَة...

في ظِلِّها يتقاسمونَ الخوفَ أبطالُ الحكايَة

وجميعهم سيظَلٌ لا يَدري متى ينساهُ عُمرُه

(.......)

عذرًا لذات العذرِ... عُذرًا للثّباتِ على خَبَر

نيرون...

نيرونُ من حرَقَ الطَّريقَ، وتاهَ فيه!ّ

نيرونُ من سكَبَ الرَّمادَ على الرّمادْ

نيرونُ من قد خالَ أنَّ حدودَ سكرَتِهِ الأفق..

(.......)

وعدٌ بلا لُغَةٍ

والبَحرُ يَرتَقِبُ

والشَّمسُ تسألني؛ ومِن شَفتي!

ما لَونُهُ العَجَبُ !

(.......)

بغدادُ عاصمةُ النّهارْ

لا بأسَ.. فلتَمضي لهَجعَتِها قَليلا

هيَ هَجعَةٌ ما كانَت الأولى...

ما أجهَضَتها وَطأَةُ الحَملِ الثَّقيلة!

هي هَجعةٌ فاتبع مَواسِمَها لتُدرِكَ كُنهَ لونِ الإنبِهار

بغدادُ عاصِمَةُ النَّهار

لن تَرحَلِ الآنَ إلى ميثاقِها وَوَثاقِها

لا وَقتَ تَهدُرُهُ هُنا... لا صمتَ تَرقبُهُ بنا... لا صَوْتْ ...

لم تَرتَحِلْ...

لَن تَلتَقي صَدَأَ العيونِ الناعساتِ على مَدى أنفاسِها...

لم ترتَحِل!

بغدادُ مَن أَوحَت لِبَحرِ الصّوتِ أن يَبقى بَعيدا...

لم ترتحِل!

بغداد من أوحَت لِعَينِ الشَّمسِ أن تَمضي لِسَكرَتِها...

لم ترتحل!!

بغداد من أرخَت جَدائِلَها لِيَنسى نَرجِسُ الشُّطآنِ قِصّتَهُ، وَيُهديها النّشيدا ...

لم ترتَحِل!!

بغدادُ عاصمةُ القصيدةِ والوَتَر

بغدادُ لم تكتُب مَزاميرَ الضّجَر

ليلٌ ولا شُهُبُ

شمسٌ ولا آفاق

خَصري يُحاصِرُني!

يا ضَيعَةَ الأشواقِ

(.......)

بغدادُ عاصِمةُ النّهارِ المستفيقِ على تَضاريسِ العَجَبْ

تصحو بعَينَيها البَقايا...

رَملٌ، وفِنجانٌ، وَسِحرٌ، وارتِقابْ...

مجدٌ يعيشُ على تَضاريسِ السّيوفِ المُشرَعاتِ على الهَواء

موجٌ... وموعِدُهُ خليجٌ لاذَ في ظِلِّ السّرابْ

بغدادُ عاصمةُ النّهارِ المُستَفيق على البَقايا:

خِلٌّ، وعنقاءٌ، ومِصباحٌ، وقافِلَةٌ، وكَرسيٌ، وخاتَم...

بغدادُ عاصمةُ النّهار المُستفيقِ على الشّظايا:

بَحرٌ، وعاصفَةٌ، وخُفٌّ... والبقيّةُ للوِصايَة

بغدادُ لم تَكُنِ البداية

بيروتُ لم تَكُنِ النِّهاية

والشّامُ لم تَقرأ كتابَ الفجرِ... لم تَسمَع تسابيحَ الشّفَق

والبيتُ لم يَرسُم تَضاريسَ الجِراحْ:

ليلٌ ولا مصباحْ..

والكلٌّ يرتَقبُ

رملٌ عَلا لُغَتي

صمتُ الكِبارِ نُواحْ

(.......)

بغدادُ عاصمةُ النّهارِ المُستَباحْ

والغدرُ لم يبرَح مداخِلَها

وعلى المدى رَملٌ...

سيفٌ بلا كَفٍّ يَلوحُ... ولا صهيلْ

صحراءُ؛ يا وَجَعَ النَّخيلْ..

بغدادُ لم تَكُنِ البداية

بيروتُ لم تكُنِ النّهاية

(.......)

موجٌ ولا شاطي

والليل مرساتي

الجُرحُ يكتُبُني

للموعِدِ الآتي

***

القدسُ قلبُ العاصِفَةْ

القُدسُ وعدٌ قد تناقلَهُ الزّمانُ بلا شَفَة

القدس أمنِيَةُ الطريق الراعِفَة

القدسُ صوتُ الرّعدِ في صمت الصّحاري الواجِفَة

القدسُ عاصمةُ الجراحِ النائِماتِ على سُفوحِ الانتِظارْ

القدسُ جُرحُ الأمسِ.. صوتُ الحِسِّ... طَعمُ البَأسِ... بوحُ الإِصطِبار...

القُدسُ صمتُ الشّمسِ عن غَدرِ المَسار

القدسُ عاصمَة المدى الممتدِّ من عَطَشِ الصحارى للخُطا

القُدسُ واسطَةُ المَدار

سَقَطَ الجدار

ريحٌ ولا غُبار

لا وزنَ للسّراب

والأفق يُعلِنُني:

لحمًا وبَعضَ تُراب

(.......)

صحراءُ؟

ماذا أضحَت الصحراء؟

رَملٌ... وقافلَةٌ تَنامُ على مَسامِعِنا... وقافيَةٌ تُتَرجِمُنا... وسَرجٌ لا تَراهُ الريحُ...

مِشكاةٌ بلا زيتٍ... سِراجٌ في خِضَمِّ الشّمسِ... صوتٌ، والصّدى خيمَة...

صحراءُ؟ ما الصّحراءُ؟

قافلَةٌ تَعوقُ مسيرَها وَصمَة...

والقُدسُ في الزَّحمة

القُدسُ عاصمةُ السُّرى تَمضي...

لا رَسمَ، لا خَيمَة!

القُدسُ عاصمةُ المدى الممتَدِّ من عَبَقِ الكِتاب

القُدسُ ساكِنَةٌ بنا

لا تَقرَعوا الأبواب...

ليلٌ ولا سارٍ

الكُلُّ يَرتَقِبُ

لا نارَ في النّارِ

فلتَخشَعِ الشُّهُبُ

فالقدسُ ترتَقِبُ... القُدسُ ترتَقِبُ

والليلُ يستَقوي على الأطفالِ في غَزّة

جَفنُ على جَفنٍ ينامُ ؛ وتنقَضي الهَزَّة

روحٌ على روحٍ تحِنُّ مُعتَزَّة

والفجرُ يستَرخي على أبوابِها غَزّة

حمراءُ شُرفَتُهُ

تَمضي إلى وَطَنٍ

تَشتاقُهُ العِزَّة

(.......)

اللّيلُ يستَولي على الأنّاتِ في غَزَّة

ويُحاصِرُ التّعَبا

الصَّوتُ لن يَمضي بلا أصداءَ عن غَزّة

ظلمُ الدّنى سيعود

في أفقها سُحُبا

والقُدسُ تَرتَقِبُ... القُدسُ ترتَقِبُ

***

حاصرتُ ليلي حينَ حاصَرني... ليَرتَعِشَ المَدى...

وَعدًا تَجَسَّدَ في الرّؤى زيتونةً نزَفَت مَدامِعَها على لَهَبِ السِّراج...

اللَّيلُ صَمتي... والصّدى أُمثولَتي...

والمَوجُ !

ما شأني بِهِ ؟

فليأتِ أو فليرتَحِل موجُ الزَّبَد...

فالريحُ وَعْد..

الريحُ في ليلِ الضّلالةِ تستقيلُ من الحكايَة

لا لونَ فيها... لا تُسائِلُ يَومَها عن أمسِها...

قد تنتَقي من رحلة الأيامِ موعِظَةً لِغَد

الرّيحُ سَدّ

صوتُ ولا شَفَةٌ

لونٌ ولا لُغَةٌ

جَسَدٌ ولا صِفَةٌ

جُرحٌ... وماذا بَعد...؟

(.......)

القّدسُ فوقَ الريحِ تَرتَقِبُ

القُدسُ بَعدَ البَعدِ... بَعدَ البَعد..

القدسُ عاصمةُ الصّدى... القدسُ روحُ الوعدْ

ماذا سيُخبِرها الحنينُ عن الحنينِ في غَزَّة؟

نامت، لتنطلقَ العواصفُ مثقلاتٍ بالسُّموم

الغَربُ ألقَمَها اللّهَب

الغَربُ "أمريكا ...

أمريكا انتظارُ المَوتِ بَعدَ المَوتِ قَبلَ المَوتِ مِن غَيرِ اصطِبارْ

أمريكا حصارٌ للحِصارِ على حِصار...

(.......)

لن تعشَقَ الصحراءُ لونَ اللّيلِ في غزةَ

واللَّيلُ يَجتاحُ الطُّفولَةَ قَبلَ أرحامِ الثكالى

والدّنى سَكِرَت على أوتارِ من ماتوا

صحراءُ يا صحراء...

هل قامَ صَنّاجة

بَوحُ الصِّغارِ نِداء...

والنارُ وَهّاجة

والقدسُ ترتَقِبُ

هذا المدى صَخَبُ ...

ما في المدى خُطَبُ

والقُدسُ تَرتَقِبُ ... القُدسٌ تَرتَقِبُ... القُدسُ تَرتَقِبُ

::::::: صالح أحمد (كناعنه) :::::::

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب