لغتنا الجميلة .. قصة بيت.. الشاعر..خالد خبازة

 لغتنا الجميلة 

قصة بيت

أزورهم و سواد الليل يشفع لي ... و أنثني و بياض الصبح يغري بي

هذا البيت للمتنبي و هو من اجمل و أروع ما قرأت 

و لننظر الى جمال و  روعة هذا البيت و في مقدرة المتنبي  و كيف تمكن فيه من جمع خمسة معان في بيت واحد 

اذا اعتبرنا أن كل جملة مفيدة تتضمن معنى مستقلا 

فضلا عن أن هذه المعاني تضمنت خمس مقابلات أو خمس مطابقات في بيت 

مما يجعله فريدا في نسجه و في مقدرة المتنبي مما لا يجاريه شاعر

جاء في كتاب " قرى الضيف " لمؤلفه ابراهيم القلعي حول البيت المذكور ما نصه  :

يقول المتنبي .. و هو من قلائده .. و لعله أمير شعره :

أزورهم و سواد الليل يشفع لي ... و أنثني و بياض الصبح يغري بي

و أضاف الكتاب المكور

ذكر ابن جني قال :

حدثني المتنبي وقت القراءة عليه ، قال :

قال لي ابن خنزابة وزير كافور ..  أحضرت كتبي كلها ..  و جماعة من الأدباء ، يطلبون لي من أين أخذت هذا المعنى ..  فلم يظفروا بذلك.

و كان أكثر من رأيت كتبا .

قال ابن جني :

ثم اني عثرت بالموضع الذي أخذه منه ، اذ وجدت لابن المعتز مصراعا ، بلفظ لين صغير جدا ، فيه معنى بيت المتنبي كله ، على جلالة لفظه و حسن تقسيمه ، و هو قوله :

فالشمس نمامة و الليل قواد

و يقول صاحب كتاب " قرى الضيف "  :

و لن يخلو المتنبي من احدى ثلاث :

اما أن يكون المتنبي قد ألم بهذا المصراع فحسنه و زينه .. و صار أولى به ..

و اما أن يكون قد عثر بالموضع الذي عثر به ابن المعتز ، فأربى عليه ، في جودة الأخذ .

و اما أن يكون اخترع المعنى و ابتدعه و تفرد به .. فلله دره.. و ناهيك بشرف لفظه ، و براعة نسجه .

و ما أحسن ما جمع فيه خمس مطابقات في بيت واحد .. و ما أراه سبق الى مثلها ، و ما زال الناس يعجبون من جمع البحنري ثلاث مطابقات في قوله :

و أمة كان قبح الجور يسخطها ... دهرا فأصبح حسن العدل يرضيها

حتى جاء أبو الطيب ، فزاد عليه ، مع عذوبة اللفظ و رشاقة الصنعة .

.....

خالد ع . خبازة 

اللاذقية