(يا شام):.. الشاعر...محمد عصام علوش


 على وقع الزلزاليْن الجديديْن اللذيْن ضربا أمس تركيَّا وجزءًا كبيرًا من بلاد الشَّام كانت هذه

الأبيات بعنوان (يا شام):

يـا شـــــــــامُ يـا مــســتـــــودعَ الأســـرارِ   ومــواطــنَ الأطــهــارِ والأخــيــــارِ

يـا أنــتِ يـا مـهـوى الـقــلـوبِ ونـبـضَـهـا    مـا كـان غـيـرُكِ شــامــةً فـــي دارِ

يـا شـــــامُ يـــا دَلَّ الـــغـــوانـي ســارحًــا   بـالـقـلـبِ فــي نُــبْــلٍ مـن الأوْطـارِ

يـا أنــــتِ يـا ســـحـــرًا أقــــام مُــغـــازلًا    أَسَـرَ الـورى بـالـحُـسـن والإبْــهـارِ

مـاذا أصـــابـكِ يــا حــــبــيــبـةُ خــبِّــري   مــاذا الَّــذي قـــد حـــلَّ مــن أكـدارِ؟

هـذا الأســـى مـا كــنــتُ أعـــهـــدُ وِرده   فـي سـالِـــفِ الأيَّــامِ والأعـــصــارِ

لـيـستْ تـلـيـق بـكِ الـــدُّمــوعُ شــجــيَّـــةً فـلـقـد بـلـغــتِ الـشَّــأوَ في الإيـثـارِ

قـد كـنـتُ أعـــهـدُ في مـغـانــيـكِ الـسَّـنـا    وكــأنَّـهـا في الـلَّــيْـلِ ضَـوْءُ نـهـارِ

والـصُّبـحُ يـصفـو حيـن يـصحـو هـانـئًـا     بـنـســائـمٍ تـغــــدو مــع الأطـــيـــارِ

فـيـجــود بـالأنـــغــامِ مـن طـــيْــرٍ شـــدا   يحـكـي  لـحـون الــعـزْفِ بـالأوْتـارِ

قـــد كـنـتُ أعـهـد فـيـكِ فـــوْح عــراقـةٍ   ومـطـارحًـا جُــبِـلَـتْ مـن الأعـطـارِ

تـسـري بـهـا في الـصَّدرِ أنساغُ الـرُّؤى    خــمــرًا مــعــتَّــقــةً مـن الـخَــمَّـــارِ

تـسـقي الـمـشـاهـدَ أكـؤسًا مـن سـكْـبـها    فـي حـضـرةِ الــنُّــدمــاء والـسُّـمَّـارِ

هـل مـن عـلـيـــمٍ بالـحـوادثِ مُـخـبـري   عـــمَّـا جـــرى بــوقــائــعِ الأخــبـارِ

تـلــــك الـزُّهـورُ ألـــمْ تـزل بـبـهـائـهـا   تـشــذو عـلى الأهْـلـــيـــنَ والــزُّوَّارِ؟

والـيـاســـمـــيـنُ ألــمْ يــزل بـبــريـقِــهِ    وبـسِـحـــرهِ يـــرنــو إلــى الــنُّــوَّارِ؟

مـتـبـسِّـمًـا مـتـــفـــاخـرًا بــعــــقــــودهِ   فـوْق الـنُّـحـورِ تـلــيــقُ بــالأقــمــارِ!

ولــقــد تـــــدلَّــتْ قُـــربَــه نــارنــجــةٌ    كــالــبــدرِ تـسـتـولي على الأنـظـارِ!

أَســتـطـلِـعُ الأخـبـارَ غـــيْـرَ مـصــدِّقٍ   أنَّ الــشَّـــآم مــطــيَّـــةُ الإعــصــارِ!

مـا لـــلـــزلازلِ أطـبــقــتْ بجِـرانـهـا   مـثْـلَ الـرَّحى فـي هـجـمـةِ الأقــدارِ؟

فـأتـتْ عـلى الـبُـنـيـانِ تـهـدِمُ صرحَه   فـي طَـرفـةٍ كـالــلَّــمْــحِ بـالأبـصـارِ

وتطاولتْ تغـزو الحـواضرَ والـقـرى   كـصـواعــقٍ مـن غــيْـرِ مــا إنــذارِ

فـقـضتْ على الأرواحِ ضربةَ لازبٍ  بـشـفـارِهـا وبـســـيْــفـهــا الــبــتَّــارِ

والـطَّـرفُ بـيــن مـصـدِّقٍ ومـكــذِّبٍ   والـنَّـفـسُ لا تـقـوى عـلـى الإنـكـارِ

والـنَّـاسُ يـا لـلــنَّـاسِ في حـسَراتهـم   لـمْ يـخْــلُ مـكـلــومٌ مـن الأضــرارِ

فـقـدوا الأحـبَّةَ والـمـنـازلَ والـرُّؤى   وغـدا الـرُّكـامُ نـهــايــةَ الـمِـشْــوارِ

وتــوالــتِ الــهــزَّاتُ تـبـلَـع أنـفـسًا   وكـأنَّـمـا الــزّلــزالُ وحــشٌ ضـارِ

والـرُّعـبُ يـنـتهـب الـنُّـفـوسَ كأنَّها   لـلـحـشـرِ ســيـقـتْ أو لـحـرِّ الـنَّـارِ

قــصـصٌ مُـغـلَّـفـةٌ بـألفِ فـجـيـعـةٍ  تــنــبــو عــن الأوزانِ والأشــعــارِ

ربَّــاه إنَّ الــشَّـامَ بـاتــتْ تـشـتـكي   وَجَـع الـسِّـنـيـن وفــتــكـةَ الأشــرارِ

ربَّــاه كــن لــلــشَّــامِ إنَّ لأهـلِــهـا   في الـصَّـالـحـيـن مــنـازلَ الأبــرارِ

فـاكـشِـفْ أيـا ربَّـاه عـنـهـا كَـربَها   وأعِـد إلـــيْــهــا هـــالــةَ الإكــبـــارِ

والطُف بها أنتَ اللَّطيفُ ولمْ تزَلْ   بـالــلُّـطـفِ تـمـحــو شـــدَّة الإنــذارِ

هــذا دعـــاءُ الـتَّـائـبــيـن لـربِّـهـم   يـرجــون مـنـه أمـانَـهُـمْ فـي الــدَّارِ

محمد عصام علوش

21/2 2023م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب