بقلم الشاعر...حمدي أندرون


قف !

أمام مرآة وجهكَ

أمسِ كان وجهك صبوحاً يبتسم

وكان شعاع الصّبح ظلالاً وحقلَ زيتونٍ 

يرتسم ....ويغتسل

يتوضأ بقطرات النّدى المنسكبة طِلّا

وتَنْسرب في شغاف قلوب عطشى


لماذا الكلماتُ والوجوه الحالمة بعبق النّرجس

وترانيم الحبّ المعمَّدة .... المؤرَّجة بعطر ... .

بصباحات الجار للجار

وبصباحات أطفال المدرسة المثقلة بأفعالٍ بريئة

ونضارة العيون الباسمة على شرفة النّهار

تموت وتموت سائلة ؟


لماذا الدّروب كما القلوب مقفرة هامدة إلّا

من زوبعةٍ تكنس الأحلام 

وتمسح آخرَ سطرٍ من روايتي المفقودة

وآخرَ إبتسامةٍ عاشقةٍ على شفة قصيدة 

تطفئ أنفاس الذّكريات في نبض الأوردة ؟


أمسِ اقتلعت زوبعةٌ آخرَ سنديانةٍ

كانت شاهدةً على ولادة قصّة حبٍّ بلا ملح


هاجرَ الحلْمُ بعيداً يتلوّى بالجراحٍ

لم يعدْ للطير للعصفور بيتٌ أو جناح

لم يعدْ للحقل أو للزهر عطرٌ للأقاح

لم أعدْ أسمعُ في الدّرب سوى أنّاتِ ليلٍ ..

أو عويلٍ ..

أو صفيرٍ للرياح


بالله !

أمعنِ النّظر في ظلّك المنكسر

على حواف مرآةٍ متشظّية

مثلَ لوحة حلمٍ لم تكتملْ

مثل فجر حلمٍ مات قبل الولاة

أو ربّما ضاع في زِحام أحلامٍ مهاجرة

في طريق مسفلتٍ بالأماني الخائرة


تراجعْ خطوتين أو ثلاث إلى الوراء

كنْ على خطٍّ واحدٍ متّزن الخطوة

أعرف أنّك لن تستطيع أن تقف دقيقتن أو ثلاث على رِجْلٍ واحدةٍ

هناك آلافُ الخطى تزاحمك المكان

وآلاف الأشباح مثلك قيد أنملةٍ تريد أن تستعمر المكان 


لا بأس  !

ارفعْ رأسك قليلاً قليلا

عانقْ خيال المرآة

ابتسمْ لما تبقّى من 

العمر 

 العمر ظلال ٌ لحقيقةٍ مغمضة العينين

 

لعلّك قد تحمل في حقيبة اليد

جواز سفرٍ بلا صورةٍ واضحة الملامح

لرجلٍ بلا وطن

أو أنّك لم تسدّدْ آخرَ فاتورةٍ للماء ..أو للكهرباء 

إذن أنت متهمٌ أمام وجهك الآخر ومدان


أو لعلّك قد تحمل أملاً أعرجَ القدمين ..

أو بلا شفتين

تحطّم الشّراع

وانكسر المجدافُ

في يد القدر


من روايتي المفقودة

 

حمدي أندرون

سورية

٢٤/ ١٠/ ٢٠٢٢

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب