لغتنا الجميلة.. بقلم الشاعر..خالد خبازة


 لغتنا الجميلة

الشعر .. أحكامه و مقوماته

البحث السابع

الشعر .. مقاطعه  و مطالعه

كان جهابذة النقاد اذا وصفوا قصيدة قالوا :

حسنة المقاطع ، جيدة المطالع .

أي أن يكون مقطع البيت وهو القافية متمكنا غير قلق و لا متعلقا بغيره .

و المطلع و هو أول البيت ، جودته أن يكون دالا على ما بعده ، كالتصدير و ما شاكله

و الشعر أوله مفتاحه ..

و على الشاعر أن يجود ابتداء شعره ..  لأنه أول ما يقرع السمع . و منه يستدل على ما عنده من أول وهلة .

الخروج :

الخروج هو عند البعض شبيه بالاستطراد ، و ليس كذلك . و الخروج أن تخرج من نسيب الى مدح أو غيره ، بلطف نحيل ثم تتمادى فيما خرجت ..

و هو ما يسمى بحسن التخلص .

الانتهاء

أما الانتهاء فهو قاعدة القصيدة و آخر ما يبقى منها في الأسماع ، و سبيله أن يكون محكما ، لا تمكن الزيادة عليه ، و لا يأتي بعده أحسن منه ، و اذا كان أول الشعر مفتاحا له ، وجب أن يكون الآخر قفلا عليه .

و قد أربى أبو الطيب على كل شاعر في جودة هذه الأبواب الثلاثة .

و من العرب من يختتم القصيدة فيقطعها و النفس بها معلقة ، و فيها راغبة مشتهية ، و يبقى الكلام مبتورا كأنه لم يتعمد جعله خاتمة

*****

في اختراع المعاني و ابتكارها :

قال الجاحظ : 

 أجود الشعر ،

ما رأيته متلاحم الأجزاء ، سهل المخارج ، فتعلم بذلك انه أفرغ افراغا جيدا ، و سبك سبكا واحدا ، فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان .

و المخترع من الشعر ..

هو ما لم يسبق اليه قائله و لا عمل أحد من الشعراء قبله نظيره ، أو ما يقرب منه .. كقول امرئ القيس من الطويل و القافية من المتواتر  :

سموت اليها بعدما نام أهلها ...  سمو حباب الماء حالا على حال

فانه أي امرؤ القيس ..  أول من طرق هذا المعنى و ابتكره ، و سلم الشعراء اليه ، فلم ينازعه أحد اياه .

و قوله من الطويل أيضا و القافية من المتواتر  :

كأن قلوب الطير رطبا و يابسا ...  لدى وكرها العناب و الحشف البالي

و ما زالت الشعراء تخترع و تولد ..

و التوليد ..

أن يستخرج الشاعر معنى من معنى لشاعر تقدمه ، أو يزيد زيادة .. لذلك يسمى بالتوليد ، و ليس بالاختراع . و لا يمكن اعتبار ذلك  سرقة

كقول امرئ القيس :

سموت اليها بعدما نام أهلها ...  سمو حباب الماء حالا على حال

فقال عمر بن أبي ربيعة من السريع و القافية من المتدارك  :

فاسقط علينا كسقوط النوى ...  ليـــلة لا نــاه .. و لا زاجــر

فولّد معنى مليحا اقتدى به بمعنى امرئ القيس .. دون أن يشركه بشيء من لفظه ، أو ينحو نحوه الا في المحصول ، وهو لطف الوصول  الى حاجته في خفية .

و أما الذي فيه زيادة

فكقول جرير يصف الخيل من البسيط و القافية من المتواتر :

يخرجن من مستطير النقع دامية ...  كان آذانها أطـــراف أقـــــلام

فقال عدي بن الرقاع يصف قرن الغزال من الكامل و القافية من المتدارك :

تزجي أغن كأن ابرة روقه ...  قلم أصاب من الدواة مدادها

فولد بعد ذكر القلم ، اصابته مداد الدواة ، بما يقتضيه المعنى .، اذ كان لون  قرن الغزال أسودا .

*****

بين اختراع المعنى و الابداع :

و الفرق بين الاختراع و الابداع - و ان كان معناهما في العربية واحدا –

أن الاختراع

خلق للمعاني التي لم يسبق اليها .. و الاتيان بما لم يكن منها قط ؛

و الابداع

اتيان الشاعر بالمعنى المستظرف ، الذي لم تجر العادة بمثله ، ثم لزمته هذه التسمية حتى قيل له بديع . و ان كثر و تكرر .

فصار الابداع للفظ

و الاختراع للمعنى ؛

فان تم للشاعر أن يأتي بمعنى مخترع و لفظ بديع ، فقد استولى على الأمد ، و حاز قصب السبق .

****

خالد ع . خبازة

اللاذقية

المراجع .. عدد من كتب التراث


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب