أنا عربي.. بقلم الشاعر...عاطف عوده


أنا عربي

أظُنُّ بأنّني عربي
وعندي دفتَـرٌ وكتابْ
وبيتٌ فيهِ شُبَّاكٌ وبابْ
تُغطّي هامتي بعضُ السَّماءِ
علىٰ حصاً وتُرابْ
وحقيبتي ضاعتْ هُناكَ
وكُنتِ أطلبُها وأذكُرُها
ويَسكُنها السَّــرابْ
فيها مِنَ الأسبابِ أسألةٌ
لَها ماضٍ  وليسَ لها جوابْ
أمضي أُفتِّشُ في زقاقِ البيتِ عنها
فتاريخي وكلُّ أسراري بها
وسعادةٌ وعذابْ
مازلتُ أرقبُ ضوءَ تلكَ الشمسِ
في الزّقاقِ خجولْ
لازال خلفَ النُّور
يُعاكِسُني ولا يرضى الدُّخولْ 

أظنُّ بأنَّني عربي
وقالوا أنّ قومي هُمْ كَمِلحِ الأرضِ
أوْ كنقاوةِ السُّحُبِ
وقالوا أنَّ قومي هُمْ مُلوكُ الأرضِ 
عند اللهِ في الحُجبِ
فهذا ما تقولُ النّاسُ منقوشٌ
علىٰ الخُطبِ
ولا أدري
ولا تدري بهذا الأمرِ
أقلامي ولا كُتُبــي
وأحسبُ أنَّ هذا الأمرَ
مِنْ تأليفِ اجدادي
ومن حُبّي لأولادي
فهلْ صدقوا علىٰ الكذِبِ؟
فيا عجبي ويا غضبي
فإنِّي قدْ رأيتُ النّاسَ تلهوا
في مقاهي الأسرِ واللَّعِبِ
علىٰ أكتافِها حرجٌ
وفي أكوابِها شيئٌ مِنَ التّعَبِ
وعندَ اللّيْلِ ينتشروا
فراشاتٍ تجولُ بقهوةِ الصّخَــبِ
وينقلبوا نهاراً
عندما ناموا
يُريقاتٍ علىٰ القصبِ
كنارٍ لا حميمَ لها 
ولا اشتعلتْ مِنَ اللهَــبِ

أيا مِنْ كُنتُ أحسبُهمْ عِظامَ الأرضِ 
والتاريخِ والرُّتــبِ
غدوْا في الأرضِ
أقزاماً وأصناماً
تُقَــزّزُنا
فكيفَ يسُبُّهُــمْ أدبي
وكيفَ أصارعُ الأحزانَ
والأحزانُ تأسرُها
ثنايا الذُّلّ والكــذبِ
وكيفَ أعالجُ الأشجانَ
والأشجانُ تفعلُ بي
كفعل النّارِ بالحطَـبِ

تركتُ سماءَهُمْ
ونسيتُ أسماء البلادْ
رحلتُ غرباً
هارباً منهمْ
فما قدْ فادني هربي 
تُلاحقني جحافِلُهُمْ
وتصرُخُ أنّني مازلتُ أعشقُهُمْ
ولا يدرونَ عَنْ حُزني 
وعن عتبي 
فلا تأتُوا بقِربتِكُمْ
فقدْ كُسِرتْ لكمْ قِـرَبـي
وليْسَ اليوْمَ منقوشٌ علىٰ ورقي
وليس بطاقتي تدري
بأنّي في الورىٰ عَربي 

عاطف عودة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب