أنا والمتنبي.. بقلم الشاعر..سعود ابو معيلش


أنا والمتنبي

اللقاء الأخير مع أبي الطيب المتنبي

قلت :السلام عليكم يا أبا الطيب

فقال:وعليك السلام يا ضيفي العزيز

فسألت: أتبدأ السجال الآن؟فقال نعم

وانشأ ينشد:

أظَبْيَةَ الوَحشِ لوْلا ظَبيَةُ الأنَس

ِ لما غَدَوْتُ بجَدٍّ في الهوَى تَعِسِ

فأنشدت:

يا ظَبْيةَ البِيْدِ زُوري ظَبيَةَ الأنَسِ

كي تَشفعيْ عِندَها للمُدنَفِ   التَّعِسِ

فقال:

وَلا سَقَيْتُ الثّرَى وَالمُزْنُ مُخلِفَةٌ 

دَمْعاً يُنَشّفُهُ من لَوْعةٍ نَفَسِي

فقلت:

ولَو أرادتْ حَياتي  قُلْتُ  هَا  أنا َذا

أو قد عَقَرتُ  كإرضاءٍ  لها  فَرَسي

فقال :

وَلا وَقَفْتُ بجسْمٍ مُسْيَ ثالِثَة

ٍ ذي أرْسُمٍ دُرُسٍ في الأرْسُمِ الدُّرُسِ

فقلت :

مالي أَرى  الحُسْنَ  فتّاكاً   بعاشِقِهِ

أَلَعنَةُ السِّحرَ أم مَسَّاً   منَ   الهَوَسِ

فقال:

صَريعَ مُقْلَتِها سأآلَ دِمْنَتِهَا

 قَتيلَ تَكسيرِ ذاكَ الجفنِ وَاللَّعَسِ

فقلت:

قَد لُمْتُ عَيني لأنَّ  العَينَ قَدْ  جَلَبَتْ

لَلجِسْمِ وَجْداً جَرى في الصَّدرِ كالنَّفَسِ

فقال:

خَريدةٌ لوْ رَأتها الشّمسُ ما طَلَعَتْ 

وَلوْ رآها قَضيبُ البَانِ لم يَمِسِ

فقلت:

يا لائِمي لا تَلُمْنيِ   َبعْدُ  لَمْ  تَرَها

سَبعٌ رآها وأضْحى   غَيرَ    مُفتَرِسِ

فقال:

ما ضَاقَ قَبلكِ خَلخالٌ على رَشَإ

ٍ وَلا سَمِعْتُ بديباجٍ على كُنُسِ

فقلت:

وهَلْ رَأيْتَ  بيومٍ    حسن    مَبْسمُها

مثلُ اللآليء قدْ شَعَّتْ   مِن َ   القَبَسِ

فقال:

إن تَرْمني نَكَباتُ الدّهرِ عن كَثَبٍ

 تَرْمِ أمرَأً غيرَ رِعْديدٍ وَلا نَكِسِ

فقلت:

طَرفٌ كَطرفِ المَها قْد  زانَهُ   دَعَجٌ

لونُ الورودِ زَها في الخَدِّ  واللَّعَسِ

فقال: لله درك انتهى السجال

فقلت: هل أزيد

فقال:زد يا رجل

فقلت:

جسمي  نحيلٌ   بأشواقٍ    تُكابُِدني

وَصِرتُ من طَلَلٍ في أعْظُمٍ     دُرُسِ


بالوِدِّ عِشْ كُنْ كما َمنْ  لَمْ   يَمُتْ أبَداً

كالنَّخلِ يَعْلو بِرَغمِ  الحَرِّ   في اليَبَسِ


وَاهجرْ  حَقوداً  فإنَّ العُمرَ    مُنصَرِمٌ

واربأْ بِنَفسِكَ   إنَ ّ  الحِقدَ    لِلنَّجَسِ

فقال صدقت والله..وأضاف

كيف ستعود لديارك وحقبتك

قلت : على الجمال كما أتيت

فسأل: هل ظهرت علامات الساعة عندكم 

فقلت : نعم

فقال : وما ظهر منها ؟

فقلت: تكلم الرويبضة وصار البدو الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان 

فقال: وما فعل الرويبضة 

فقلت: قتل رعيته ولم يبق ولم يذر 

فقال: يا إلهي !

فقال: وما كان البنيان ؟

فقلت: يسمى بالأبراج 

فقال: وما طولها ؟

فقلت:ثلاثمائة وخمسون مترا

فقال: وما المتر؟

فقلت: اطول من الذراع بشبر 

فقال:هذه نطحت السحاب 

فقلت: هكذا يسمونها ناطحات السحاب 

فقال: اين وجهتك الأن؟

فقلت: إلى عنترة ابن شداد 

فقال: رعاك الله واحذر من عبس

فاجتمع أهل الحي لوداعي جميعا

وتعانقنا عناق الأحباب الذي لا لقاء بعده....

بقلم/سعود أبو معيلش .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب