لغتنا الجميلة.. بقلم الشاعر...خالد خبازة


 لغتنا الجميلة  .. عين على كتب التراث


موضوع لا أعتقد أنه تم طرحه قبل الآن 

هل هناك من شعراء العرب القدامى  .. من حمل لقب " الأخطل الصغير "  ؟


هذا البحث طويل نوعا ما ، الا أن الموضوع المطروح فيه .. لا أعتقد  أحدا من قبل أقدم على طرحه  ، أو بحث فيه : 

 يتوارد لدي  سؤال :


هل هناك من حمل لقب  " الأخطل الصغير "  قبل الشاعر الكبير " بشارة الخوري " .. ؟ 


أبو الأسد الثعلبي  " نباتة بن عبدالله الحوماني " ربما يكون  هو من حمل لقب  "  الأخطل الصغير "  الأول ان جاز التعبير 


   قد يستغرب البعض أن أقرن لفظة " الأول " بعبارة " الأخطل الصغير " . خاصة و أننا لا نعلم و لم نسمع ، أن أحدا ،  سوى الشاعر الكبير " بشارة الخوري  " حمل هذا اللقب  قديما أو حديثا .  و لا أدري ، ان كان يحق  لي ، أن أقرن هذا اللقب بلفظة "الأول" ، فيصبح " بشارة الخوري " هو  صاحب اللقب الثاني " الأخطل الصغير الثاني " .. ؟ . 

  أجل  

ان ما دفعني الى قول ذلك  ، أنني و لدى مطالعتي  كتاب " العقد الفريد " لابن عبد ربه ، وجدت في الجزء الخامس منه ، و بالتحديد في الصحيفة رقم  419 ، طبعة القاهرة 1965 م ، تحقيق أحمد أمين واثنين آخرين  ، ما لفت نظري الى ما هو وارد فيه . فقد  أورد المؤلف " ابن عبد ربه "  ثلاثة أبيات لوصف الربيع ، منسوبة الى " الأخطل الصغير ." . و قد استغربت ذلك ، في بادئ الأمر ، و لما لم يكن قد وصل الى علمي أنا على الأقل  ..  من حمل هذا اللقب ، من قبل سوى الشاعر الكبير  " بشارة الخوري " ، مما أثار لدي الفضول  ، للبحث والتأكد من صحة ما قرأت .  

  وردت العبارة التالية في الكتاب المذكور  :


و قال الأخطل الصغير : 


خلع الربيع على الثرى من وشيِهِ ... حللًا يظــلُّ بها الثرى يتخيّلُ

نَوْرٌ اذا مَرَتَ الصَّبــــا فيه الندى ... خِلتَ الزَبَرجدَ بالفريد يُفصّلُ

فكأنها طـــــورًا عيـــون كُحّــــلٌ ... و كأنها طــــورًا عيونٌ هُمّلُ 


و يبدو أن جمال الأبيات دفعني أكثر للبحث .

الا أننا ..  اذا  علمنا أن ابن عبد ربه مؤلف الكتاب قد ولد و عاش  بين عامي 860 – 940 م ، فان ذلك يعني أن هناك فعلا ، من حمل هذا اللقب من قبل ، . و أن هناك مسافة زمنية لا تقل عن عشرة قرون ، تفصل بين الزمن الذي حمل فيه  الشاعر بشارة الخوري هذا اللقب و بين تاريخ كتاب العقد الفريد . 

و اذا كان الأخطل ، الشاعر الأموي الكبير و الشهير   "غياث بن غوث بن الصلت " قد عاش في زمن بني أمية من سنة 640 – 708 م ، فمعنى ذلك أن الشاعر الذي لقب  الأخطل الصغير قد عاش بين الفترتين ، أي بين حياة الأخطل .. و حياة صاحب العقد الفريد ابو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه . أي بين سنتي 640 – 940 م . 

      حاولت الرجوع الى عدد من كتب التراث ، علها تفيدني ، و لكي أتعرف على شخصية صاحب هذا اللقب ، وعن اسم هذا  الشاعر الذي لقب به ، و ما سبب تسميته .  و بعد البحث ،  لم أعثر في كتب التراث القديمة التي استطعت الوصول اليها ، سوى على كتاب واحد ، ورد فيه هذا اللقب ، ينسبه المؤلف  للشاعر" أبي الأسد الثعلبي " دون أن يعرف عن اسمه ، أو العصر الذي عاش فيه . و الكتاب هو كتاب " طبقات الشعراء " لابن المعتز . 

   جاء في كتاب طبقات الشعراء لابن المعتز، و تحت عنوان " أخبار أبي الأسد الثعلبي " ما يقول :


    (   حدثني جعفر بن جندب ، قال : حدثني أبو زرعة الرقي . قال :


   كان  " أبو الأسد  " الشاعر ، يشبه الأخطل في أيامه  لجودة شعره . و كان " دعبل " الشاعر ، هجا " الحسن بن مرة " فغضب " أبو الأسد " للحسن بن مرة ، فكتب الى دعبل أبياتا يهجوه فيها .. تتضمن أن لا يعود لهجاء الحسن بن مرة   .. فكتب اليه دعبل : لا أعود . )


   لم يتحدث " ابن المعتز " عن أي شيء آخر يتعلق باسم الشاعر أو نسبه أو تاريخ ولادته ، أو مكان اقامته سوى ماذكر ، الا أنه..  يقول  :


   ( كان أبو الأسد الثعلبي حين ترعرع أخذ يقول الشعر ..  يقول أصحابنا ( و مازال الكلام للمؤلف ) : كان غواصا ( يقصد للمعاني ) و ما زال كذلك ، حتى سمي " الأخطل الصغير " . ثم لم يبق الا يسيرا  حتى لحق بالعسكر ، و مدح الملوك ، و أجزلوا له .)


   هذا كل ما وجدته عن هذا الشاعر في كتب التراث . 


و لما كان من الثابت ، أنه كان معاصرا للشاعر " دعبل الخزاعي " معنى ذلك أنه عاش في العصر العباسي .

وبالرجوع الى عدد من الكتب التراثية ، بحثا عمن لقب " أبو الأسد الثعلبي " منها  ( كتاب الأغاني للأصفهاني ،  و و ديوان المعاني ، لأبي هلال العسكري ) و غيرها ، فقد تعرفت على شاعرين يحملان هذا اللقب : أحدهما  كان مولى لـ " خالد بن عبدالله القسري " ، أما الثاني ، فكان  منقطعا الى أبي دلف ، ثم الى الفيض في أيام الرشيد .

و لما كان هذا الأخير الذي كان منقطعا الى أبي دلف و الفيض هو الذي عاصر الشاعر العباسي  " دعبل الخزاعي " فربما يكون هو من حمل لقب " الأخطل الصغير " في العصر العباسي . و قد استطعت التعرف الى اسمه وهو :  " نباتة بن عبدالله الحماني " 


جاء في كتاب" الأغاني " لأبي الفرح الأصفهاني ، و تحت عنوان " أخبار أبي الأسد و نسبه " ما يلي :


   "  اسمه ... نباتة بن عبدالله الحماني .. من بني شيبان . و هو شاعر مطبوع ، متوسط الشعر ، من شعراء الدولة العباسية ، من أهل الدينور .و كان مليح النوادر، مزاحا خبيث الهجاء .. كان منقطعا الى أبي دلف ، ثم الى الفيض في أيام الرشيد .  "


و قد أكد هذه المعلومات نفسها كتاب " اللألي في شرح أمالي القالي " للبكري .  

هذا ما استطعت الوصول اليه  حول شخصية أبي الأسد  و ربما هو من حمل لقلب " الأخطل الصغير " في ذلك العصر .. أي عصر بين العباس .. و الذي اكدت المصادر أن اسمه " نباتة بن عبدالله الحماني " 


......


خالد  ع . خبازة 

اللاذقية – سوريا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب