هَجَّ الحمام... بقلم الشاعر...سليمان احمد العوجي


 هَجَّ الحمام

     ---------------------

ذهبَ الذينَ لوَّحْنا لهم بقلوبِنا 

وماعادوا...

وأنتَ ياسيدَ الغيابِ

أَبحرْ وئيداً في دمي

ولاتلقِ بالاً لمرساتي المحطمةِ..

بعيدةٌ هذهِ الغربةُ.. 

مشيتُ والطريقُ يسرق ُخطواتي 

ويبيعها لقدميٍ رجلٍ ميسورٍ

مشيتُ ومشيتُ حتى

 تورَّمَتْ قدما لهفتي.. 

قلتُ ...

أسلّي نفسي بالغناءِ

غنّيتُ وغنيّتُ حتى ترهلَ

الموالُ على بُعُدِ فرسخينِ

من الحزنِ..

بعيدةٌ هذهِ الغربةُ..

قلت...

ُ أرشُّ السكّرَ على

علقمِ المسافاتِ..

ففعلتُ...

حتّى ابيضتِ عينُ الوصولِ.

وكزبدٍ عالقٍ بين مطرقةِ 

الموجِ وسندانِ الشطآنِ

أتجرَّعُ أقداري وأتقيّأُ

قصائدَ الملحِ..

العائدونَ منْ أوهامِهم باكراً

نظروا إليَّ شذراً كرجلٍ

بلاروي أملٍ ...

ولاقافيةِ صبرٍ...

قلتَ ياسيدَ الغياب

ِ أنكَ ستجربُ الشوقَ

 ثمَّ تعودُ...

حينَ يرفعُ الحمامُ الآذانَ

فشوى الشوقُ صلصالي

وصرتُ موقداً لحكايا الجمرِ

عادَ المساءُ إلى دارنا مطأطئاًوحدتهُ بجيوبٍ خاويةٍ من سكاكرِ ضحكاتكَ..

وأنتَ لمْ تَعُدْ..

ليتكَ تركتَ بابَ الغربةِ موارباً...

لاعليكَ...

هاقدْ سقيتُ الوحشةَ 

بماءِ العينِ...

حتى نمتِ الصحراءُ من حولي

لاتعدْ ياولدي... 

 يقولونَ أن السماءَ ضريرةٌ والنجومُ على عكازِ الضوءِ..

ورياحُ البلادِ نَدَفَتْ قطنَ المسراتِ..

حتى تاهتْ قوافلُ الرجاءِ

ياسيدَ الغيابِ:

على موائدَ أقاموها كرمى لعينيكَ..

يتكاثرُ ذبابَ المراوغينَ

وتقضُّ رقادي زوبعةُ الطنينِ

يؤازرُ دمعي تماسيحُ البكاءِ

وضفادعُ المنابرِ..

وأنتَ نبيٌّ خذلتهُ المناجلُ والحقولُ

قالوا:

 مباركٌ قد فزتَ بشفيعٍ

وأنا كجوادٍ رابحٍ 

في عينيهِ حزنٌ 

يعادلُ خساراتِ العالمِ

ياسيدَ الغيابِ:

هاقدْ أغمضتِ المدافعُ بارودَها.. 

وأودعتْ أمانتَها في صدرِ البيوتِ القتيلةِ..

تنكرتِ الطوائفُ لقرابةِ الطينِ...

وصناديقُ البريدِ كفَّتْ يدَ البشاراتِ...

شنقَ المهزومونَ ظلَهم على قارعةِ الشمسِ...

والمنتصرونَ خضَّبوا كفيهِ حناءً وصدرهُ أوسمةً...

حملَ الظلُّ جثتهُ ونياشينهُ

ومضى.. 

هجَّ الحمامُ من مآذنِ صدري...

وبقيتُ هنا أنتظركَ بلا ظل.

-----

 سليمان أحمد العوجي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب