لغتنا الجميلة.. بقلم الشاعر.. خالد خبازة


 لغتنا الجميلة

في الشعر  .. قواعده و أحكامه

البحث الثاني عشر

في التقفية ..  و التصريع

1- التصريع :

هوأن  يأتي الشاعر  بعروض البيت تابعة لضربه

أي ما كانت عروض البيت مماثلة لضربه ..  تنقص بنقصه ، و تزيد بزيادته . نحو قول امرئ القيس في الزيادة :

قفا نبك  من ذكرى حبيب و عرفان ... و رسم عفت آياته منذ أزمان

و نلاحظ الزيادة في .. مفاعيلن

في حين أن عروض جميع الأبيات ..  مفاعلن ..

فالتصريع كان في البيت الأول  .

و قال في النقصان :

لمن طلل أبصرته فشجاني  ... كخط زبور في عسيب يماني

فالضرب فعولن

و العروض مثله  .. لمكان التصريع

و هي في جميع أبيات القصيدة .. مفاعلن .. كالمثال الأول .

فكل ما جرى هذا المجرى في سائر الأوزان ، فهو مصرع .

2-  و التقفية :

أن يتساوى الجزءان من غير نقص و لا زيادة . فلا يتبع العروض الضرب في شيء الا في السجع خاصة ..

مثال ذلك قوله :

قفا نبك  من ذكرى حبيب و منزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل

فهي جميعا مفاعلن ، الا أن العروض مقفى مثل الضرب .

فكل ما لم يختلف عروض بيته الأول مع سائر عروض أبيات القصيدة الا في السجع فقط .

فهو مقفى .

و اشتقاق التصريع ..

من مصراعي الباب ،

لذلك قيل لنصف البيت مصراع ، كأنه باب القصيدة و مدخلها .

و سبب التصريع .

مبادرة الشاعر القافية .. ليُعلم في أول وهلة ، أنه آخذ في كلام موزون غير منثور .

و ربما صرّع الشاعر في غير الابتداء .

و ذلك اذا خرج من قصة الى قصة .

أو من وصف شيء الى وصف شيء آخر .

فيأتي عند ذلك بالتصريع اخبارا بذلك و تنبيها عليه  .

و قد كثر استعمالهم هذا ، حتى صرعوا في غير موضع تصريع ، وهو دليل على قوة الطبع ، و كثرة المادة ،

الا أنه اذا كثر في القصيدة ، دل على التكلف ، الا من المتقدمين ..

قال امرؤ القيس :

تروح من الحي أم تبتكر  ...  و ماذا عليك بأن تنتظر؟

أمرخ خيــــامهم أم عشر  ...  أم القلب في اثرهم منحدر

وشاقك بين الخليط الشكر ...  و فيمن أقام من الحي هر

فوالى بين  ثلاثة أبيات مصرعة في القصيدة ..

و قد يجعلون أولها :

أحار بن عمرو كأني خمر ... و يعدو على المرء ما يأتمر

و قال عنترة العبسي :

أعياك رسم الدهر لم يتكلم  ... حتى تكلم كالأصم الأعجم

ثم قال بعد بيت واحد

هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهـــم

يا دار عبلة بالجـــواء تكلمي ... وعمي صباحا دارعبلة واسلمي

فصرع البيت الأول و الثالث و الرابع .

و من الناس من لم يصرع أول شعره قلة اكتراث بالشعر ، ثم يصرع بعد ذلك كما صنع الأخطل حيث يقول في أول القصيدة  :

حلت صبيرة أمواه العداد وقِد ... كانت تحل و ادنى دارها نكـدُ

وأقفر اليوم ممـا حلــه الثمـــدُ ... فالشعبتان ..فذاك الأبلق الفرد

فصرع البيت الثاني دون الأول ..

و كذلك فعل ذو الرمة و الفرزدق و غيرهما ،

و ان أكثر شعر ذي الرمة غير مصرع ،. و هو مذهب الكثير من الفحول .

الا أنهم جعلوا التصريع في مهمات القصائد ، فدل ذلك على فضل التصريع .

و يقع في التصريع من العيوب ما يقع  للقافية

كالاقواء  و السناد و الاكفاء و الايطاء و التضمين .

فمن الاقواء

قول بعضهم  :

ما بال عينك منها الماء مهراق ... سحا فلا غارب منها و لا راقي

و من الايطاء

قول ابن المعتز :

يا سائلا كيف حالي  ... أنت العليم بحالي

و من السناد

قول أبي العتاهية :

ويلي على الأظعان ولّوا ... عنى بعتبـــة فاستقلوا

و من التضمين

قول البحتري :

عذيري فيك من لاح اذا ما ..  شكوت الحب قطعني ملاما

أي أن معنى الصدر لم يتم اكتماله الا بعجز البيت .

و يقال :

ان الشاعر اذا لم يصرع قصيدته ، كان كالمتسور الداخل من غير باب.

وهناك الكثير مما يتعلق بالموضوع كالمخمسات

وهي أن يأتي الشاعر بخمسة أقسمة على قافية ..  ثم بخمسة أخرى في وزنها على قافية غيرها  .. و هكذا الى أن يفرغ من القصيدة .

و قد أكثروا من هذا الفن.

ثم جاءوا بمصراعين مصراعين فقط ،

و هو المزدوج ،

الا أن وزنه كله واحد ، وان اختلفت القوافي . و هذا بحث يطول .

أكتفي بهذا القدر  راجيا أن اكون قد وفيت .

*****

خالد  ع . خبازة

اللاذقية

من عدد من كتب الثراث ذات الموضوع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب