لغتنا الجميلة.. بقلم الشاعر..خالد خبازة


 لغتنا الجميلة

في الشعر .. أركانه و مقوماته

البحث الثالث

أثر الشعر و تأثيره في حياة العرب قديما

و ما قيل في الشعر و الشعراء

قلنا ان الشعر علم قديم نشأ بالسليقة  على ألسنه فصحاء العرب ،  و هو يأتي في ستة عشر بحرا .. كانت تأتي موازية بالفطرة على ألسنة الشعراء قبل أن تهذب عروضه ، أو تفصل ضروبه و قوافيه .

و قد يمتنع الشعر على قائله ، و لا يسلس حتى يبعثه خاطر يطربه ، أو صوت حمامة يشجيه .

قال الفرزدق :

أنا أشعر الناس عند اليأس ، و قد يأتي علي الحين ، و قلع ضرس عندي ، أهون من قول بيت من الشعر .

وقال الشاعر  :

انما الشعر بنــاء ... يبتنيـــــــه المبتنــونـا

فاذا مـــــا نسقوه ... كان غثـــا .. أو سمينا

ربما واتاك حينا ... ثم يستصعـــب حينــــا

و أساس ما يكون الشعر في أول الليل قبل الكرى ، أو في أول النهار قبل الغداء ، و عند مفاجأة النفس و اجتماع الفكر .

و أقوى ما يكون الشعر على قدر قوة أسباب الرغبة أو الرهبة .

قيل للخريمي :

ما بال مدائحك لمحمد بن منصور بن زياد ، أحسن  من مراثيك ؟ . قال :

كنا حينئذ نعمل على الرجاء ، و نحن اليوم نعمل على الوفاء ، و بينهما بون بعيد .

و الدليل على صحة هذا المعنى ، و صدق هذا القياس ..  أن كثير عزة ، و الكميت بن زيد .. كانا شيعيين مغاليين في التشيع ، و كانت مدائحهما في بني أمية أشرف و أجود منها في بني هاشم . و ما لذلك علة الا قوة أسباب الطمع .

و قيل لكثير عزة :

يا أبا صخر ! . كيف تصنع اذا عسر عليك الشعر ؟ . قال :

أطوف في الرّباع المحيلة ، و الرياض المعشبة ، فان نفرت عنك القوافي ، و أعيت عليك المعاني ، فروّح قلبك ، و أجم ذهنك ، و ارتصد لقولك فراغ بالك و سعة ذهنك . فانك تجد في تلك الساعة ما يمتنع عليك يومك الأطول ، و ليلك الأجمع .

قال بلال بن جرير سألت أبي جريرا ، فقلت له :

انك لم تهج قوما قط ، الا وضعتهم ، غير بني لجأ  ؟ . قال :

يا بني ! . انني لم أجد شرفا فأضعه ، و لا بناء فأهدمه .

و قد يكون الشيء مدحا فيجعله الشعر ذما ، و يكون ذما فيجعله الشعر مدحا .

قال حبيب الطائي " أبو تمام " في هذا المعنى :

و لولا خلال سنها الشعر ما درى ... بغاة الــندى .. من أين تؤتى المـكارم

ترى حكمة ما فيه وهو فكاهـــــة ... و يقضى بما يقضى به ، و هو ظالم

وكان بنو عبد المدان الحارثيون ،  يفخرون بطول أجسامهم ، و قديم شرفهم ، حتى قال فيهم حسان بن ثابت :

لا باس بالقوم من طول و من غلظ ... جسم البغال و أحلام العصافير

فقالوا له :

و الله يا أبا الوليد ..  لقد تركتنا و نحن نستحي من ذكر أجسامنا بعد أن كنا نفخر بها . فقال لهم :

سأصلح منكم ما أفسدت . فقال فيهم :

و قد كنا نقول اذا رأينا ... لذي جسم يُــــعد و ذي بيان

كأنك أيها المعطى لسانا ... و جسما من بني عبدالمدان

أما بنو أنف الناقة

فقد كان بنو حنظلة بن قريع بن عوف بن كعب ، يقال لهم : بنو انف الناقة ، يسبّون بهذا الأسم في الجاهلية . ( و سبب ذلك أن أباهم نحر جزورا ، و قسم اللحم ، فجاء حنظلة ، و قد فرغ اللحم ، و بقي الرأس ، و كان صبيا ، فجعل يجره ، فقيل له :

ما هذا ؟ فقال :

أنف الناقة .

فلقب به ، و كانوا يغضبون منه )

حتى قال فيهم الحطيئة :

سيري أمامَ .. فان الأكثرين حصى ... و الأكرمين اذا ما ينسبون أبا

قوم هم الأنف ، و الأذناب غيرهم  ... و من يسوّي بأنف الناقة الذنبا

فعاد هذا الاسم فخرا لهم ، و شرفا فيهم .

و كان يقال أن الواحد منهم ، كان يترك عشيرته و يتسمى باخرى ، خجلا من اسم قبيلته 

  الا أنه بعد شعر الحطيئة ، أصبح الآخرون يتسابقون للانتساب اليهم .

و كان بنو نمير أشراف قيس و ذؤابتها ، حتى قال جرير فيهم :

فغض الطرف انك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا

فما بقي نميري الا طأطأ رأسه . حتى أن حبيبا الطائي ضرب المثل بضعة بني نمير بعد شعر جرير . قال :

فسوف يريكم ضعة هجائي ...  كما وضع الهجاء بني نمير

سنكمل الموضوع  فيبث لاحق باذن الله

*****

خالد ع . خبازة

اللاذقية / سورية


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب