لعتنا الجميلة ... بقلم الشاعر...خالد خبازة


 لعتنا الجميلة 

في البيان و البديع


البحث الثامن .. في الالتفات 


الالتفات  ..  من أنواع المحسنات البديعية  


في أبحاثنا الماضية  ..  تحدثنا عن  عدد من المحسنات البديعية  وكانت أبحاثنا في كل من الاستعارة و الكناية و الطباق و الجناس والتورية و المقابلة  ..  و قد صغنا البحث في كل منها  في بحث مستقل  و طرحنا أمثلة على كل منها 

و الأن سيكون بحثنا  في 


الالتفات  


هو الاعتراض  عند قوم .. و سماه البعض  الاستدراك  ..  و سبيله .. أن يكون الشاعر آخذ في معنى , ثم يعرض له غيره .. فيعدل عن الأول الى الثاني فيأتي به ،.. .. ثم يعود الى الأول لتكملة المعنى .. 

و من أجمل التعريفات ما جاء على لسان الأديبة السورية ايمان بركات  أن : 

" الالتفات أسلوب جميل .فيه دهشة يجعلك تدخل وتخرج مع الفكرة بكل رشاقة ..."


و أرى 

أن الالتفات ما هو الا نوع من الاعتراض  . أو ما سمى بلغة النحو بالجمل الاعتراضية  ..  و قد سماه أجدادنا العرب بما  لديهم من احساس و شعور بالجمال .. بالالتفات  .. لانه كما أراه ،  لفظ جميل و رشيق يتناسب و جماليات الشعر 

 و الااتفات  ..  كقول كثير  :  


لو أن الباخلين .. و أنت منهم ..  رأوك ، تعلموا منك المطالا


فقوله : و أنت منهم  ..  هو الالتفات .. أو الا عتراض


و قال النابغة الذبياني :


ألا زعمت بنو عبس بأني ... ألا كذبوا.. كبير السن فاني 


فقوله : ألاكذبوا  .. اعتراض ، و هو الالتفات  . 

و أنشدوا في لالتفات لبعض العرب 


فظلوا بيوم ، دع أخاك بمثله ... على مشرع يروي و لما يصرّد


و هذا التفات مليح في قولك  " دع أخاك بمثله " 


و قال جرير يرثي امرأته أم حرزة :


نعم القرين- و كنت علق مضنة  ... وارى بنصف بلية الأحجار


فقوله :  و كنت علق مضنة  هو الالتفات 

و قال عوف بن محلم لعبدالله بن طاهر 


ان الثمانين .. و بلّغتها ... قد أحوجت سمعي الى ترجمان


قوله : و بلغتها  .. التفات رائع.. 

و من أجمل الالتفاتات  قول النابغة الذبياني : 


و لست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث - أي الرجال المهذب  


و الالتفات هنا في قوله  .. أي الرجال المهذب  


عن اسحق الموصلي أنه قال :

قال الأصمعي : أتعرف التفات جرير ؟

قلت : و ما هو ؟ 

فأنشدني : 

أتنسى اذ تودعنا سليمى ...  بعود بشامة .. سقي البشام


ثم قال :

أما تراه مقبلا على شعره ، اذ التفت الى البشام داعيا له  


وأنشد له عبدالله بن المعتز 


متى كان الخيام بذي طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام


و من الالتفات الجميل  قول زهير بن أبي سلمى 


سئمت تكاليف الحياة و أن تعش  ... ثمانين حولا - لا أبالك - يسأم


ففي قوله  .. لا أبالك .. التفات جميل جدا أيضا 

و قد  أحسن  ابن المعتز في العبارة عن الالتفات :

 أنه   " انصراف المتكلم  من الاخبار الى المخاطبة ..  و من المخاطبة الى الاخبار  "  . و تلا قوله تعالى :


"   حتى اذا كنتم في الفلك ، و جرين بهم  بريح طيبة " 


و من مليح الالتفات .. قول نصيب :


وددت .. و لم أخلق من الطير أنني ... أعار جناحي طائر فأطير 


فقوله : و لم أخلق من الطير  ..  منتهى الجمال في الالتفات  


و من المستحسن في الالتفات .. قول عدي بن زيد العبادي وهو في حبس النعمان يخاطب ابنه زيدا  و يحرضه :


فان كنت الأسير .. و لا تكنه ... اذا لقد علمت معد ما أقول 


و في قول المتنبي مخاطبا سيف الدولة  :


فان تفق الأنام – و أنت منهم - ... فان المنسك بعض دم الغزال


أنت منهم  هو الالتفات 


أقول  في قصيدة "  دع الشمسي تشرق " :


فالقـــوام الرشيــــق ،  ينســــــاب حسنـــًا في اعتــدال ، أفــدي القــوام الرشيقــــــــا


الالتفات  هنا في قولي  :


أفــدي القــوام الرشيقــــــــا


و في قولي أيضا من قصيدة " الحب صنع الاله "


قـــد يعشقُ الإنسان ، وهـــــو مجربٌ 

........................... صعبَ المراسِ ، ويهجــــرُ المألوفا


الالتفات  ..  : و هو مجرب 


و قولي أيضا 


و النـــاهدان –  فــديتهن  -  فراشةٌ  

......................... تعــــب الجنــــــاحُ بها، فرفَّ رفيفا


ترى الالتفات في لفظة ..فديتهن  


أكتفي بهذا القدر  .. و ارجو أن أكون قد وفقت


................

خالد ع . خبازة 

اللاذقية 


...المراجع : عدد من كتب التراث ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب