حكايات الكبار/بقلم الأديب رعد الامارة

حكايات الكبار

١ (جرح آخر) تلك كانت شقيقتي الصغرى، قالتْ وهي تعبثُ بطرف ردائها:
_أنتَ لن تضربني إذاً؟. قلتْ :
_من أخبرك بذلك؟، كيف لأخٍ مهذّبٌ مثلي أن يصفعَ شقيقته النحيلة، انظري كم أنتِ هزيلة. بَرقتْ عيناها بدمعٍ سخي أدهشني بكثرته، قالتْ وهي تحاول أن تبتسم عبثاً :
_صديقتي، بنتْ الجيران، شقيقها يضربها، أمي قالتْ إنها ماتت بسبب ذلك. يا إلهي، دَنوتُ منها، رحتُ أفركُ يديها الصغيرتين، قلتْ :
_لا حبيبتي، بنت الجيران ماتتْ لأنها مريضة، أمي أرادتْ أخافتك في حينها فحسبْ. وجَدتُ حاجبيها ينعقدان فجأة، أكتستْ ملامح وجهها بغضب طفولي عذب، قالتْ :
_فهمت الأمر ، لن أساعدها في المطبخ بعد الآن، لقد أخافتني كثيراً. جَذبتُ رأسها إلى حجري، أخذتُ أعبثْ بشعرها حتى خيلَّ لي بأنها نامتْ أخيراً، تَلفتُ صوبَ المطبخ، أغرورقتْ عيناي بالدمع، تَذكرتُ أمي التي كانتْ تملأ فراغ الباب وهي تبتسم، همستُ لنفسي :
_ماذا فعلتِ يا أمي؟ هل كان يجب أن ترحلي بهذه السرعة.

٢ (غصّة) قالتْ أمي وهي َتضع مولودتها الجديدة في حجري :
_هذه الدمية الجميلة هي شقيقتك، عليكَ أن تهتم بها من أجلي ، هل فهمتْ يا حبي؟. أومأتُ برأسي علامة الفهم ، كانت أمي سعيدة، حتى إنها أخذتْ تدور حول نفسها وهي تقف على أطراف أصابعها، صعقَ أبي لمنظر أمي حين رآها تفعلُ ذلك، كان قادماً لتوّه من الخارج،قال وهو يدور معها فارداً ذراعيه:
_نعم يجب أن تهتم بها من أجلنا ياولد. كَبرتْ الغصّة في داخلي، حدثَ هذا الأمر عندما أخذا يكرران الدوران حول لعبتهما الجديدة الراقدة دوماً في حجري وهي مغمضة العينين ،لا أعرف مالذي غيرهما، كان بودّي وانا المفطور قلبه، كان بودي أن أسأل، هل كانا يفعلان ذلك معي؟ هل حصل مثلاً ان دارا حولي بكل هذه البهجة وأنا طفلٌ رضيع؟ طبعاً لم تكن لديّ الجرأة لأفعل ذلك، ليس خوفاً من غضبهما ، بل لأني كنت مصاباً بالخيبة، مع ذلك ففي بعض المساءات وحين أكون مختلياً في الغرفة لوحدي فأني كنت أدور وأدور، لكن حولَ ظلّي فحسبْ!

بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاعر و تاجر... الشاعر..زياد الحمصي

رحيلٌ بلا وداع... الشاعرة.. سلوى احمد

قصيدة ( الدَّارُ داري ) ..بقلمي حازم قطب