مَطرٌ على هامِ القَصيدِ شعر... صالح أحمد


 مَطرٌ على هامِ القَصيدِ

شعر صالح أحمد (كناعنة)

///

مَطرٌ على هامِ القَصيدِ، وأمنياتٌ للصّدى

الفجر إغضاءُ المواسمِ واجتراءاتُ السّدى

بنتٌ تُراوِدُ غَيمَةً عن ظِلِّها

والموجُ يسرِقُ ما تَبَقّى من مَلامِحِ طُهرِها

الفجرُ يرحل للمدى المَنذورِ للوهم المُخيِّمِ... والمدى...

أفقٌ بلا شَفَقٍ.. أماني جُرِّدت من صمتِها...

عينٌ مع الأرياحِ تَضرِبُ.. أختُها رَصَدٌ لخُطوَتِها... وبينهما الغروب

العمرُ ينسِجُ من مرارَتِهِ خيامًا لانكماشِ الحكمَةِ المُستَفزَعة

والحزنُ يصبِحُ لذّة المنذور قربانَ الفرَح

مازالَ يعصِرُ قلبَهُ المعجونِ بالذّكرى، ويستَجدي الصّوَر

وتُصفِّقُ الرُّؤيا على شَرَفِ التّلاقي فوق هامِ الذّروَةِ الملقاةِ

صوتِ المُستحيل

يا... يا شموخَ الموتِ خُذني... واختبِرني..

هل سوف تُشرِقُ شمسُنا ذاكَ مساء؟!

أنا كلّما ناغى لساني النّبضَ أُدرِكُ أنّ ريحَ البيدِ ظلّي

صَدَحَت نوازِعُ نَشوَتي،

وتَواثَبَت تروي لِحَدسي وُدَّهُ المشحونَ من زَيفِ الثّراء

يا... يا صهيلَ البُعدِ! علّمني مراسيمَ السّلالة

قد عِشثُ أرتُقُها؛

فما يُغنيكَ عن رَتقِ العباءَةِ حينَ ترتَعِشُ احتِضارًا...

عَبَقُ النّشيدِ ؟ أم الحكاية؟

يا أيّها العاشِقُ هل أدرَكتَ سرَّ شُروقنا؛ والرّيحُ تلوي للغروب؟

الشّمسُ ترحَلُ عن بَصائِرِنا...

اللّيلُ يَشرَبُنا... ويَعتَمِرُ السّلالة..

تتوَغَّلُ الأحلامُ... من يُهدي مرابعَنا بَراءَتها..

وريحُ العصرِ يَخنُقُها غُبارُ السّابلَة؟

فتَدَثَّري صحراءُ أمنيَةَ الشّروقِ... ترَجّلي عن صَهوَةِ الرّيحِ...

اخرُجي من هيكَلِ الذّكرى... أبيحي صدرَكِ الدّافي لِصَدري.

مَطَرٌ على هامِ التّشَرُّدِ... وانتِفاضٌ في مجاهيلِ التَّسَمُّرِ... والمدى:

أنثى، وما خلفَ المدى وهمٌ... ولا يأتيكَ من جُحرٍ يَقين!

مطَرٌ... وأبحَثُ عن صفاءٍ... باتَ يَستَرِقُ الصّدى سَمعًا...

وتَستَلقي على بابِ العُتُوِّ إرادَتي، ويرتَعِشُ الخَواء

غيبٌ تُزَعزِعُهُ افتِراضاتي هروبًا من مَراحِلِها لصَومَعَةِ الألَم

يا... يا صهيلَ البُعدِ في حِضنِ السُّدى

أرغى جُنونًا صَمتُنا... والصّمتُ جارِح

الشّمسُ... هل كانت؟ وهل عاشت رؤى؟

في ظُلمَةِ اللّيلِ الذي يجتاحُنا... والذّعرُ نابِح

يا نَبضَنا المغصوبِ... يا عُقمَ النِّدا

تَتَسَرَّبُ الأشواقُ غَرَّبها النّوى... يُتمًا... وتكتُمُ سِرَّها، والسِّرُّ فاضِح

* * *

يا... يا صَهيلَ البُعدِ في حِضنِ الأسى

أشواقُنا وُلِدَت يُلَفِّعُها الرّجاء

واستَرضَعَت أيامَها لَهَفاتُنا

تَستَقدِمُ الآتي وتستَجلي الضِّياء

لا... لن تَمَلَّ نقاءَها أحلامُنا

يا طِفلَةَ الإصرارِ من روحي المَضاء

* * *

مطَرٌ على هامِ المَسيرِ عَواصِفٌ تَقتاتُ من شَفَةِ المَصير

تتَعَملَقُ الرّوحُ انسِيابًا في جروحِ الأرضِ يُعلِنُها اشتِياقي

رعشَةَ الميلادِ في حضن الشُّعور

هل ذا خَيالي يرتَوي منهُ الخيال؟!

ويلاهُ من شَغَفٍ يَسِحُّ على شِفاهِ القَصدِ أغنِيَةً تُرَنِّمُها بروقُ الوَعدِ...

والوَمَضاتُ أنثى تَستَميلُ صدى الرِّياحِ العازِفَة

كُنْ ما تَشاءُ: لِهاثَ أمنِيَةٍ... صدى دوّامَةٍ...

زَمَنًا يُحاوِلُ أن يَصوغَكَ من جَديد...

كُنْ ما تَشاءُ: مدينَةً نَبَتَت على عطَشِ الخُرافَةِ... عَرَّتِ الأحزانَ فينا...

مَن عَلَّمَ الماضينَ مِن أجَلٍ إلى أجَلٍ بأنّ الأرضَ:

حضنُ الرّوحِ، أمُّ الرّيحِ والأمطارِ... مَهدٌ للوصال.

أسكُن عَذابي أيّها الصّوتُ المُعَتَّقُ في جُذورِ مَواسِمي... وامتَدَّ فِيّ

اهجَع على أبوابِ ذاكِرَتي... وكُن لَوني الشّقيّ

اهجَع.. وراقِبني أشُدُّ عِنانَ أيامي... أُثيرُ جَراءَةَ الأعماقِ فِيّ

اهجَع بخارِطَةِ انتِشائي من خَنادِقِ أمنِياتي... هُزَّ أفقًا غائِرًا في عُمقِ نِسياني العَصِيّ...

عَطَشي انتِشاؤُكِ يا جِمارَ القَلبِ فاضطَرِمي؛ أريدُكِ هَبَّةَ الصّحراءِ فِيّ

إنّي أحِبُّكِ يا جِمارًا في جراحِ الرّوحِ أغرِسُها لتَبدَأَ نشوَةَ الأشياءِ فِيّ

يا... يا صهيلَ البُعدِ في بَوحِ النّدى...

كُنتُ اختِراقَ حواجِزِ الصّمت المُعَتَّقِ في زوايا وحدَتي ..

فأعادَني نَبضُ الطَّريق.

وسَكَنتُ صوتًا عادَ يَسكُنُني؛ يُدّوزِنُ صوتَ ذاتي المُستَفيق

مَطَرٌ... سأجتازُ استِحالاتِ الخُرافَةِ؛ آنَ لي:

أن أطعَنَ الأوهامَ... أحتَضِنَ الشُّروق...

::::::::: صالح أحمد (كناعنه) :::::::::

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا كاتب للشعر.. // بقلم الشاعر حافظ لفته

كل شيء لديها بهي ... بقلم الشاعر... ظاهر الشوكي

لم يبقَ من المساءِ إلاَّ.. الشاعرة..عايدة حيدر