لغتنا اجميلة.. بقلم الشاعر... خالد خبازة
لغتنا اجميلة
في المجاز .. و البيان
الفصاحة .. و البلاغة
كثيرا ما يتساءل المرء :
ماهي الفصاحة وما هي البلاغة ؟
و هل الفصاحة هي نفسها البلاغة ؟
و كثرا ما كنا نعتقد .. و ما يزال الكثيرون ..
أن الفصاحة هي نفسها البلاغة .
و لكن في الحقيقة.. فان لكل منهما معنى يختلف عن الآخر .
و أكثر البلغاء
لا يكادون يميزون بين الفصاحة و البلاغة ، بل يستعملونها استعمال الشيئين المترادفين ، على معنى واحد ، في تسوية الحكم بينهما .
الا ان اجدادنا العرب
ميزوا و فرقوا بينهما
قال ابن المعتز :
" البيان ترجمان القلوب و صيقل العقول "
و قال الجاحظ :
" البيان اسم جامع لكل ما كشف لك عن المعنى " .
و البلاغة
فانها من حيث اللغة أن يقال :
بلغت المكان ، أي أشرفت عليه ، و ان لم تدخله .
و البلاغة
وضوح الدلالة ، و انتهاز الفرصة ، و حسن الاشارة ، كما يقول البعض .
و يقول آخرون :
البلاغة
تصحيح الأقسام ، و اختيار الكلام .
و البليغ يجب أن يكون .. قليل اللفظ ، كثير المعنى .
و قيل ان معاوية سأل عمرو بن العاص من أبلغ الناس ؟ .
قال :
أقلهم لفظا، و أسهلهم معنى ، و أحسنهم بديهة .
و قال أبو عبدالله وزير المهدي :
البلاغة .. ما فهمته العامة ، و رضيت به الخاصة .
و سئل بعضهم عن البلاغة فقال :
كلام و جيز ..معناه الى قلبك أقرب .. من لفظه الى سمعك .
و قال جعفربن محمد الصادق (رضي الله عنه) :
انما سمي البليغ بليغا ، لأنه يبلغ حاجته بأهون سعيه .
و قال المفضل الضبي :
سألت أعرابيا عن البلاغة
فقال :
الايجاز في غير عجز ، و الاطناب في غير خطل .
و قيل للعتابي :
ما البلاغة .؟
فقال :
من أفهمك حاجته من غير اعاقة ولا حبسة و لا استعانة .
و سئل بعض الحكماء عن البلاغة ..فقال :
من أخذ معان كثيرة .. فأداها بألفاظ قليلة . و أخذ معان قليلة ..فولد منها ألفاظا كثيرة .. فهو بليغ .
ومن أعلى درجات البلاغة في الكلام المنثور.
قوله تعالى :
" و قيل يا أرض ابلعي ماءك ، و يا سماء أقلعي ، و غيض الماء و قضي الأمر و استوت على الجودي .. "
و قوله أيضا :
" فاصدع بما تؤمر " .
ومن البلاغة في القول المنظوم قول امرؤ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل ..
فانه وقف و بكى و استبكى و تغزل بذكرى الحبيب و المنزل ..
و ذلك بنصف بيت فقط ..
أما
الفصاحة :
يقول الامام فخر الدين الرازي :
اعلم ان الفصاحة ..
خلوص الكلام من التعقيد ،
و أصلها من قولهم :
أفصح اللبن ، اذا أخذت عنه الرغوة .
و يقال أفصح الصبح ، اذا انكشف و بدا .
و كل واضح .. مفصح .
و يزعم بعضهم :
أن البلاغة في المعاني .. و الفصاحة في الألفاظ
و يستدل بقولهم :
معنى بليغ .. و قول فصيح .
و الكلام الفصيح
هو اللفظ الحسن المألوف في الاستعمال ، بشرط أن يكون معناه المفهوم منه صحيحا حسنا .
ومن المستحسن في الألفاظ
تباعد مخارج الحروف
فان كانت بعيدة المخارج ، جاءت الحروف متمكنة في مواضعها ، غير قلقة و لا مكدودة .
ومن الأمثلة على تقارب المخارج و قلق الحروف
كقول بعضهم :
و قبر حرب بمكان قفر ... و ليس قرب قبر حرب قبر
فلا يستطيع قارئ هذا البيت أن يقرأه عشر مرات متتالية ، الا أن يقع في الغلط بالقراءة . ذلك أن القرب بين المخارج يجعل النطق به صعبا . و بعيدا كل البعد عن الفصاحة .
جاء في معجم لسان العرب " لابن منظور حول البيان : "
و البيان :
ما بُيـــِن به الشيء من الدلالة .
و بان الشيء بيانا .. اتضح فهو بيــِّنٌ ، و الجمع أُبَيْــناء ، مثل هين .. أُهـَـيْنـاء
و كذلك أبان الشيء فهو مبين الفصاحة . .
و البلاغة : او البـَلْغ و البِـلْغ :
البليغ من الرجال .
و رجل بليغ :
أي حسن الكلام فصيحه ، يبلغ بلسانه كنه ما في قلبه ، و الجمع بلغاء
و قال خالد بن صفوان :
هو اصابة المعنى ، و القصد الى الحجة
و قيل :
قلة الكلام و ايجاز الصواب
...
و الفصاحة
هي غير البلاغة ..
والبلاغة
أن تأتي المعنى بأقل الألفاظ -
قال معاوية لصُحار بن العباس العبدي :
ما هذه الفصاحة فيكم عبدالقيس ؟ .
قال :
شيء يختلج في صدورنا فتقذفه ألسنتنا ، كما يقذف البحر الزبد .
قال :
فما البلاغة عندكم ؟ .
قال :
أن نقول فلا نخطئ ، و نجيب فلا نبطئ .
ثم قال :
أقلني يا أمير المؤمنين .
قال :
قد أقلتك .
قال :
لا تبطئ و لا تخطئ .
قال أبوحاتم :
استطال الكلام الأول ، فاستقال ، و تكلم فاوجز .
وهي منتهى البلاغة
....
و من الأمثلة على البلاغة :
و قفت امرأة على قيس بن سعد بن عبادة ، فقالت :
أشكو اليك قلة الجرذان . قال :
ما أحسن هذه الكناية ! .. املؤوا بيتها خبزا و لحما و سمنا و تمرا .
....
قيل لشبيب بن شيبة عند باب الرشيد :
كيف رايت الناس ؟ . قال :
رأيت الداخل راجيا ، و الخارج راضيا ,
...
و أمر هارون الرشيد جعفر البرمكي ، أن يعزل أخاه الفضل من الخاتم ، و يأخذه اليه عزلا لطيفا . فكتب اليه :
قد رأى أمير المؤمنين أن ينقل خاتم خلافته من يمينك الى شمالك .
فكتب اليه الفضل :
ما انتقلت عني نعمة صارت اليك ، و لا خصتك دوني
........
ونظر أعرابي الى رجل سمين . فقال :
أرى عليك قطيفة من نسج أسنانك .
..
و قال رجل للعتابي :
ما البلاغة .؟
قال :
كل من بلغك حاجته ، و أفهمك معناه ، بلا اعادة و لاحبسة ، و لا استعانة ، فهو بليغ . قالوا :
قد فهمنا الاعادة و الحبسة ، فما الاستعانة .؟ .
قال :
أن يقول عند مقاطع كلامه :
اسمع مني ، و افهم عني ، أو يمسح عثنونه ، أو يفتل اصابعه ، أو يكثر التفاته من غير موجب ، أو يتساعل من غير سعلة ، أو ينبهر في كلامه .
و قال الشاعر :
مليء ببهر و التفات وسعلة ... و مسحة عثنون ، و فتل أصابع
وسئل بعضهم عن الشعر ( و المقصود بالسؤال عن الشعر أي الشعر الحقيق .. البليغ .. )
فقال :
ما لم يحجبه شيء عن القلب .
و قال الأصمعي :
الشعر ما قل لفظه ، وسهل و دق معناه ولطف ، و الذي اذا سمعته ، ظننت أنك تناله ، فاذا حاولته ، وجدته بعيدا ،
و ما عدا ذلك فهو كلام منظوم .
و قال بعض البلغاء :
الشعر عبارة عن مثل سائر ، و تشبيه نادر ، واستعارة بلفظ فاخر .
و قال حسان بن ثابت :
وان أحسن بيت أنت قائله ... بيت يقال اذا أنشدته صدقا
و قال احمد شوقي :
و الشعر ان لم يكن ذكرى و عاطفة... أو حكمة ، فهو تقطيع و أوزان
و قال حسان بن ثابت أيضا :
و انما الشعر عقل المرء يعرضه ... على البرية ان كيسا و ان حمقا
.......
خالد ع . خبازة
اللاذقية
تعليقات
إرسال تعليق