عين على كتب التراث العربي ... بين الماضي .. و الحاضر.. بقلم الشاعر..خالد خبازة
عين على كتب التراث العربي
...
بين الماضي .. و الحاضر
أبو العتاهية و ابن مناذر أمام الرشيد
وواقع ما يحدث في الشبكة العنكبوتية
نظرا لما لهذه الصفحة من أهمية في الوصول الى شعر حقيق .. و الى شعراء أفضل .. رأيت أن أنشر هذه المقالة هنا ..
بالرغم من وجود عدد كبير من كبار الشعراء الذين ينشرون جملة من القصائد الرائعة في هذه الشبكة و في العديد من صفحاتها و مجموعاتها المتخصصة .. فان هناك العديد أيضا من دعاة الشعر.. مع احترامي لكل الشعراء الأفاضل ، لا يكاد يمر يوم أو ساعة الا و تراهم و قد نشروا قصيدة .. أو معلقة
و تراهم ينشرون في العديد من الصفحات التي توصف نفسها بأنها مجوعة أو مجلة أدبية .. و هي بعيدة كل البعد عما هو أدب أو ثقافة .. فهي لا تحترم الحرف .. و لا تحترم لغتنا الرائعة ، حتى و لا تحترم جمهورها فتنشر كل . كل ما هو غث ، لا حياة فيه .
و الأدهى أنها تمنحهم شهادات التكريم و التقدييات ر وميداليات الشرف ..ما كان ليحصل على مثلها امرؤ القيس و لا المتنبي .
و كثيرا ما تكون أشعار هؤلاء الدعاة ، مليئة بالأخطاء العروضية أو النحوية و حتى الاملائية .. فضلا عما فيها من غثاثة و خلوها من أية صورة بيانية أو لغة سليمة ..
و من العجب ..
أن لايكلف أولئك المسؤولون عن هذه الصفحات أنفسهم - و لا أعمم طبعا - مهمة تدقيقها ، فيقومون بنشرها للعامة دون القيام بتوجيه أصحابها أو تنبيههم الى أخطائهم ، أو على الأقل الامتناع عن نشرها ،قبل أن يقوموا بتصحيح أخطائها .. مما جعل هذه القصائد تتراكم .. و قد تؤدي الى افساد االذائقة و الذوق العا م ، خاصة أذواق أولئك الذين ما يزالون يحبَون في نظم
الشعر و قرضه ..
و ربما قاموا بتقليدها دون و عي .. على وهم أنها قمة الابداع .
أصدقائي . . الأعزاء
ليس الشعر بالكم و لا بالكثرة أو النظم كيفما اتفق .. و انما هو الكيف و النوعية و الجودة .
فهذا .. الحارث بن حلزة ..
وهو أحد اصحاب المعلقات ، التي علقت صحائفها على جدار الكعبة .. و كتبت أحرفها بماء الذهب فسميت بالمذهبات ..
لا يعرف لصاحبها قصيدة غيرها ..
و هذا أيضا .. دوقلة المنبجي .. و
هو صاحب قصيدة " اليتيمة " .. و سميت كذلك لأنه لا يعرف له أخرى غيرها .
و هناك الكثير غيرهم من كبار قدماء الشعراء .. لا يعرف لهم سوى أبيات أو قصائد معدودة .
و يبدو أن هناك من تاريخنا القديم ما يشبه واقعنا .. و لكن على مستوى ضئيل - و هي قليلة في ذلك العصر .. ان لم تكن نادرة - الا أنه لم يكن الأدب العربي ليخلو مما يشبه ما يحدث في أيامنا هذه على الشبكة العنكبوتية .
بين أبي العتاهية و ابن منذر و هما شاعران من شعراء العصر العباسي .
و ابن مناذر هو محمد بن مناذر بن صبير بن يربوع ، أبو جعفر ، كان معاصرا لأبي نواس و أبي العتاهية .
و كان أبو العتاهية وهو اسماعيل بن سويد بن القاسم العيني ـ العنزي ابو اسحق .
كان غزير الشعر ، لطيف المعاني ، سهل الألفاظ ، قليل التكلف
الا أنه كان كثير الساقط المرذول في الوقت نفسه .
و نقلا عما جاء في كتاب " الأغاني " لأبي الفرج الأصفهاني الغني عن التعريف :
يقال انه اجتمع أبو العتاهية و محمد بن مناذر بمكة ، فجعل أبو العتاهية يمازحه و بضاحكه ، ثم دخل " أبو العتاهية " على الرشيد ، فقال :
يا أمير المؤمنين هذا ابن مناذر شاعر البصرة ، يقول قصيدة واحدة في سنة .. و أنا أقول في سنة واحدة مائتي قصيدة .
فقال الرشيد :
أدخله الي .
فادخله اليه ، وقدر أن يضعه عنده ( أي يحط من قدره ) . فدخل ابن مناذر ، فسلم و دعا .
فقال الرشيد :
ما هذا الذي يحكيه عنك أبو العتاهية ؟
فقال ابن مناذر :
و ما ذاك يا أمير المؤمنين ؟
قال:
زعم أنك تقول قصيدة في سنة ، و انه يقول كذا و كذا قصيدة في السنة .
فقال :
يا أمير المؤمنين ، لو كنت أقول كما يقول :
ألا يا عتبــة الساعة ... أموت الساعة الساعة
( و هو احد الأبيات لأبي العتاهية )
لقلت منه كثيرا ، ولكني أقول :
ان عبدالمجيــد يــــــوم تــولى
........................ هُــذّ ركنٌ ما كان بالمهـــــــــــدود
ما درى نعشه ، ولا حامـــلوه
........................ ما على النعش من عفــاف و جود
فقال الرشيد :
هاتها ..
فأنشده اياها كاملة .
فقال الرشيد :
ما كان ينبغي أن تكون هذه القصيدة الا في خليفة أو ولي عهد .. و ما لها عيب الا أنك قلتها في سوقة .
ثم امر له بعشرة آلاف درهم .
فكاد أبو العتاهية أن يموت غما و أسفا .
........
خالد ع . خبازة
اللاذقية
تعليقات
إرسال تعليق