(( مَدينةٌ من سَراب)) بقلمي /سناء شمه
(( مَدينةٌ من سَراب)) أفِقْ أيّها الفجرُ المذبوح على أصلابِ الانكسار وتوَسّد قارعةً من أملٍ تخيطُه من ثوبِ الشمس لِيرقصَ بينَ كَتِفيكَ عيونٌ أدماها شوقٌ حَجَريٌ لم يَرَ حضنَ العذارى مَنكوبٌ في مَحرقَةِ الانتظار فَتلكَ السفنُ البعيدة غَيّبَها الموجٌ بأشرِعةٍ بَليدة تَشتهي أن تَرجُمَ الأصنامَ بأحجارِ الانتصار وتُحلَبُ أضرعُ مَنسِيّة في كلّ مساء ها أنا وأنتَ أيّها الفجرُ كم بَكينا على حوائطِ الزمان وعانقنا الظلَّ الكئيب وكم رسمنا من سنابل يوسف بألوانِ الشقاء في ثغورِ الليل وقِبلَةٍ مُعَفّرة التراب وما كان إلاّ قيودٌ تخنقُ الأنفاس أعاصيرٌ جنونيّةُ الآفاق تَحصدُ أكفانَ الحُلمِ فتذروها في أعناقِ السَبايا حافيةُ القدمِ وجرحٌ غائرٌ كَتَصدّعِ الجدران. أنّى يَسقطُ التمثالُ المهيب؟ وتشدو العصافيرُ الزرقاء حَيّ على فَكّ الوثاق وحَيّ على ناموسٍ تَعتلجُ في صَدرِه شَهقةُ الأحرار يَنقرُ بأصابِعه الأبوابَ الخلفية دونَ قيظٍ من سِياط لِأنّنا قد وَلجنا مدينةً من سَراب مفاتيحُها عندَ الماردِ المغوار تَلَوّثَت فيها ستائرُ الليل وَنُقِّطَت على شِفاه أوجاعِها أملاحُ الرذيلة...